فصل: وفاة الحبيب وإيصاؤه لابنه عبيد الله.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.وفاة الحبيب وإيصاؤه لابنه عبيد الله.

ولما توفي محمد الحبيب وأوصى لابنه عبيد الله وقال له: أنت المهدي وتهاجر بعدي هجرة بعيدة وترى محنا شديدة فقام عبيد الله بالأمر وانتشرت دعوته وأرسل إليه أبو عبد الله الشيعي رجالا من كتامة يخبرونه بما فتح الله عليهم وأانهم في انتظاره وشاع خبره وطلبه المكتفي فهرب هو وولده نزار الذي ولي بعده وتلقب بالقائم وخرج معه خاصته ومواليه يريد المغرب وانتهى إلى مصر وعليها يومئذ عيسى النوشري فلبس عبيد الله زي التجار يتستر به وجاء كتاب المكتفي للنوشري بالقبض عليه وفيه صفته وحليته فبعث العيون في طلبه ونمي الخبر بذلك إلى عبيد الله من بعض خواص النوشري فخرج في رفقة ورآه النوشري وأحضره ودعاه للمؤاكلة فاعتذر بالصوم ثم امتحنه فلم تشهد له أحواله بشيء مما ذكر له عنه وقارن ذلك رجوع ابنه أبي القاسم يسأل عن كلب للصيد ضاع له فلما رآه النوشري وأخبر أنه ولد عبد الله علم أن هذه الدالة في طلب الضائع منافيه للرقبة والخوف فخلى سبيله وجد المهدي في السير وكان له كتب من الملاحم ورثها منقولة عن أبيه سرقت من رحله في تلك الطريق ويقال إن ابنه أبا القاسم لما زحف إلى مصر أخذها من بلاد برقة ولما انتهى المهدي وابنه إلى طرابلس وفارقه التجار أهل الرفقة قدم أبا العباس أخا أبي عبيد الله الشيعي إلى أخيه بكتامة ومر بالقيروان وقد سبق خبرهم إلى زيادة الله وهو يسأل عنهم فقبض على أبي العباس وسأله فأنكر فحبسه وكتب إلى عامل طرابلس بالقبض على المهدي ففاته وسار إلى قسطنطينية فعدل عنها خشية على أبي العباس أخي الشيعي المعتقل بالقيروان وذهب إلى سجلماسة وبها أليشع بن مدرار فأكرمه ثم جاءه كتاب زيادة الله ويقال كتاب المكتفي بأنه المهدي الذي داعيه في كتامة فحبسه وبعث زيادة الله العساكر إلى كتامة مع قريبه إبراهيم بن حيش وكانوا أربعين ألفا فانتهى إلى قسطنطينية فأقام بها وهم متحصنون بخيلهم ستة أشهر ثم زحف إليهم ودافعهم عند مدينة بلزمة فانهزم إلى القيروان وكتب أبو عبد الله بالفتح إلى المهدي وهو في محبسه ثم زحف إلى مدينة طبنة فحاصرها وملكها بالأمان ثم إلى مدينة بلزمة فملكها عنوة فبعث زيادة الله العساكر مع هرون الطبني فانتهوا إلى مدينة دار ملوك وكانوا قد أطاعوا الشيعي فهدمها هرون وقتل أهلها وسار إلى الشيعي فانهزم من غير قتال وقتل وفتح الشيعي مدينة عيسى فزحف زيادة الله في العساكر سنة خمس وتسعين ونزل الأربس ثم أشار عليه أصحابه بالرجوع إلى القيروان ليكون ردءا للعساكر فبعث الجيوش مع إبراهيم بن أبي الأغلب من قرابته ورجع وزحف أبو عبد الله إلى باغاية فهرب عاملها وملكها ثم إلى مدينة مرما جنة فافتتحها عنوة وقتل عاملها ثم إلى مدينة تيفاش فملكها على الأمان واستأمن إليه القبائل من كل جهة فأمنهم وسار بنفسه إلى مسلبابة ثم إلى تبسة ثم مجانة ففتحها على الأمان ثم سار إلى القصرين من قمودة وأمن أهلها وسار يريد قادة وبلغ الخبر إلى إبراهيم بن أبي الأغلب وهو بالأربس أميرا على الجيش فخشي على زيادة الله برقادة لقلة عسكره وارتحل ذاهبا إليه وسار أبو عبد الله إلى قسطنطينية فحاصرها وافتتحها على الأمان ورجع إلى باغاية فأنزل بها عسكرا وعاد إلى ايكجان فسار إبراهيم بن أبي الأغلب إلى باغاية وحاصر أصحاب أبي عبد الله بها فبعث أبو عبد الله عساكره إلى مج العرعار فألفوا إبراهيم قد عاد عنها إلى الأربس ثم زحف أبو عبد الله إلى إبراهيم سنة ست وتسعين في مائة ألف مقاتل وبعث من عسكره من يأتي إبراهيم من خلفه وسار إليه فانهزم وأثخن فيهم أبو عبد الله بالقتل والأسر وغنم أموالهم وخيلهم وظهرهم ودخل الأربس فاستباحها ثم سار فنزل قمودة وبلغ الخبر إلى زيادة الله فهرب إلى مصر وافترق أهل مدينة رقادة إلى القيروان وسوسة ونهب قصور بني الأغلب ووصل إبراهيم بن أبي الأغلب إلى القيروان فنزل قصر الإمارة وجمع الناس ووعدهم الحماية وطلب المساعدة بطاعتهم وأموالهم فاعتذروا وخرجوا إلى الناس فأخبرهم فثاروا به وأخرجوه وبلغ أبا عبد الله الشيعي هرب زيادة الله وهو يشبه فدخل إلى رقادة وقدم بين يديه عروبة بن يوسف وحسن بن أبي خنزير فساروا وأمنوا الناس وخرج أهل القيروان للقاء أبي عبد الله فأكرمهم وأمنهم ودخل رقادة في رجب سنة ست وتسعين ونزل قصورها وفرق دورها علىكتامة ونادى بالأمان وتراجع الناس فأخرج العمال وطلب أهل الشر فهربوا وجمع أموال زيادة الله وسلاحه وأمر بحفظها جواريه واستأذنه الخطباء لمن يخطبون فلم يعين لهم أحدا ونقش على السكة من أحد الوجهين بلغت حجة الله ومن الآخر تفرق أعداء الله وعلى السلاح عدة في سبيل الله ورسم أفخاذ الخيل بالملك لله.